بسم الله الرحمن الرحيم
في إحدى السنوات الماضيه قمت بزيارة مع الاخ مشاري العويران وعبدالله الضعيان لمنزل الشيخ القاضي د. إبراهيم الخضيري وأخبرنا عن قصة رجل تجاوز الستين عاما كان كثيرا ما يدخل السجن ويخرج ثم يعود بسبب وقوعه في جرائم وقضايا اخلاقيه وفي احدى المرات وقبل ان يحكم عليه الشيخ رثى لحاله وهو ينظر لرجل تقدم به العمر ولم يتزوج ومعظم اوقاته فيما يغضب الله ففكر الشيخ أن يتعامل مع الرجل بالرحمة وفتح ابواب الامل له فقال له: سأقرأ آيه من القران وأريد منك تكرر القراءة بعدي ثم قرأ الشيخ أرجى آيه في كتاب الله وهي قول ربنا عز وجل {قُل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } وكررها القاضي سبع مرات والرجل يكرر بعده وفي المرة السادسه نزلت دمعه من الرجل أما في السابعه فقد انفجر ذلك الرجل بالبكاء وكانت هذه الايه سبب توبته بعد أن سأل القاضي قائلاً: هل تعرف فرعون؟؟ واعترف الرجل بأنه عمل كل الجرائم التي تخطر في البال وأنه - كما يظن - أجرم من فرعون فأكد له القاضي سعة رحمة الله ثم حفظ الرجل القرآن في السجن خلال ستة أشهر وخرج من السجن بعد أن أمضى نصف المده وصدقت توبته يقول القاضي الخضيري: بعد أكثرمن سنه من هذه القصه القيت كلمة في أحد المساجد وإذا بشيخ ذو لحية بيضاء يعانقني بحراره ويبكي ولم أعرفه فقال لي: أما عرفتني ؟ قلت : لا .
قال: نسيت فرعون ؟
قال الشيخ: فضحكت وتذكرت الرجل...
لانتعجب ايها الاخوة الكرام من هذا التغير الذي حصل لهذا الرجل عندما تجدد الامل في نفسه وفتح الله له باب رحمة وسخر له داعيه موفقا , ولنتذكر ان هناك تغير عجيب حصل بالامس لنا منذ ان اذن مؤذن فجر الاثنين , حيث تغيرت أوقات الدوام وأوقات الاكل والشرب وأوقات النوم ليس فقط لي ولك أو حتى للمنتسبين لهذه الشبكه الطيبه بل لاكثر من مليار مسلم على وجه الارض, اذاً التغير ممكن فرمضان فرصه كبيرة ودليل واضح لإمكانية التغير الى الافضل في أمور ديننا ودنيانا لكن مهم جدا ان نقتنع بذلك وان يتجدد الامل في قلوبنا وافكارنا بأن كثيرا من الاشياء ممكن ان تتغير ( ويبقى وجه ربك ذو اجلال والاكرام ) .
ما اردت الوصول ليه ان التغير الحقيقي الفعال ليحصل لابد ان نحسن الظن بالله الكبير القادر على كل شي أولا ,ثم علينا ان نبذل الجهد وناخذ بالسبب لنتغير للافضل باذن الله .
إخوتي الكرام اذا وقع احدنا في خطأ أو تقصير وكلنا ذلك الرجل فعلينا ان نحسن الظن بالله أن الله يغفر الذنوب جميعاولا يتعاظمه ذنب ان يغفره بل هو يفرح سبحانه بتوبة عبده مع غناه عن العالمين .
وكذلك علينا ان نحسن الظن اذا وقعت لاحدنا مشكله أو مصيبه أو هم أو فراق حبيب أو موت عزيز أو مرض أو غير ذلك من مصائب الدنيا أن الله سيغير الاحوال ( كل يوم هو في شأن ) فمن شأنه كل يوم أن يغفر ذنبا ويفرج كربا وينصر مظلوما ويفك أسيرا ويرفع أقواما ويضع أخرين ..
إذا ضاقت بك الدنيا ففكر في ألم نشرح *** فعسر بين يسرين اذا ذكرته تفرح
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
لو كان العسر في جحر ضب لاخرجه اليسر مستشهدا بقوله تعالى: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)
قال السماء كئيبه وتجهــــــــــــــــــما *** قلت ابتسم يكفي التجهم في السمـاء
قال الصبــــــــــــــــــا ولى: *** قلت ابتسم لن يرجع الحزن الصبا المتصرما
قال الليــــــــالي جرعتني علقمـــــــا *** قلت ابتسم ولئن جرعـــــــــــــــت العلقما
فلعل غيرك ان رأك مبسمـــــــــــــــــا *** طرحالكأبة جانبــــــــاً وتبســـــــــــــــما
وعلينا أخيراً أن نحسن الظن بالله أن الله ناصر دينه ومعل كلمته ومهما ضعف المسلمون ومرضوا فلن تموت هذه الامه والحق أبلج والباطل لجلج , والباطل ساعه والحق الى قيام الساعه فلا تغتر بضعف المسلمين وتقلب أعدائهم في البلاد فلقد مرت فتره عندما رجع الرسول من الطائف مهموما حزينا لان القوم ردوا دعوته وجاءه ملك الجبال ليطبق عليهم الاخشبين لكنه عليه الصلاة والسلام كان متفائلا ويحسن الظن بربه فقال كلا اني ارجوا الله ان يخرج من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا , فتفائل واحسن الظن بربك وابشر بما يسرك فالله عز وجل هو القائل في الحيث القدسي ( انا عند ظن عبدي بي ) فاللهم اجعلنا ممن يحسنون الظن بك ويحسنون العمل واجعل مانستقبله من ايامنا وليالينا خيرا مما مضى واتمم علينا نعمتك وأسبغ علينا عافيتك واعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك واغفر وارحم واسعد مشائخنا ووالدينا وكل من له حق علينا واكتب لنا سعادة الدنيا والاخرة وللمسلمين في هذا الشهر الكريم فإنك لذلك أهل .